zamen Bourguiba
>> الأربعاء، 11 فيفري 2009
Video On blogger
شاهدت سلسلة "زمن بورقيبة" التي بثتها قناة العربية وانتابني شعور غريب جدا هو مزيج من المفاجأة والفخر والغضب و التأثر الشديد..لم أتمالك نفسي لدى مشاهدة آخر صوره وهو يرقد على فراش الموت.. غريب كيف ننسى أن الإنسان مهما عظم يبقى كائنا ضعيفا وأن لكل شيء نهاية
...
على كل لا أريد أن أمضي الوقت في النحيب والثناء و لا أريد أن أعدد خصال بورقيبة بالرغم من أني أكن له حبا جما. أريد أن أنفصم عن ثقافة تأليه الأشخاص التي أطبقت على عقولنا وجمدت طاقاتنا وأن أنقده. فقد أخطأ بورقيبة أخطاء استراتيجية كثيرة ركز ضيوف البرنامج على بعضها -مثلا مشروع الوحدة مع ليبيا- و تطرقوا إلى بعضها الآخر بسرعة الضوء رغم أنها أبعد من أن تكون مجرد جزئيات. أود الخوض في أربعة منها لأن واجبنا إزاء تاريخنا يحتم علينا مساءلة الماضي والاعتبار منه
على كل لا أريد أن أمضي الوقت في النحيب والثناء و لا أريد أن أعدد خصال بورقيبة بالرغم من أني أكن له حبا جما. أريد أن أنفصم عن ثقافة تأليه الأشخاص التي أطبقت على عقولنا وجمدت طاقاتنا وأن أنقده. فقد أخطأ بورقيبة أخطاء استراتيجية كثيرة ركز ضيوف البرنامج على بعضها -مثلا مشروع الوحدة مع ليبيا- و تطرقوا إلى بعضها الآخر بسرعة الضوء رغم أنها أبعد من أن تكون مجرد جزئيات. أود الخوض في أربعة منها لأن واجبنا إزاء تاريخنا يحتم علينا مساءلة الماضي والاعتبار منه
...
أول هذه الأخطاء طبعا هوالإخفاق في إرساء قواعد نظام ديمقراطي ودولة مؤسسات تعمل على أرض الواقع كما ينص الدستور. بورقيبة كان يحكم البلاد بأسلوب أبوي باباوي لازالت تبعاته ملموسة إلى يومنا هذا. تختزن ذاكرتي الطفولية أصداء توجيهاته و تماثيله و قصصا مبهرة و مروعة تجمع بين الحقيقة والخيال حول مافعله مع هذا وماقاله لذاك. كان يسوق الناس سوقا في السر والعلن، حتى بعد أن عمم التعليم بقي يوجههم في أدق تفاصيل حياتهم إلى درجة أنه أصبح يختزل صورالأب والزوج والنبي مجتمعة
...
ثاني خطأ هو ترسيخ التبعية الاقتصادية لفرنسا بعد الجلاء في الوقت الذي مدت فيه بريطانيا والولايات المتحدة يديهما إلينا. لو ولى بورقيبة أنظاره في الثمانينات ولو إلى بريطانيا فحسب لكنا اليوم دولة مختلفة تماما: مجتمعا حرا مرفها تناطح مبانيه السحاب و يعمل بنظام ناجع دون بطالة ولاهجرة ولا مناطق ظل ونور و ثورات خبز
..
الخطأ الثالث هو تأميم الاقتصاد عوض تأميم العقول والقلوب والشخصية التونسية في بلد يعتبر من البلدان القليلة جدا في العالم التي احتفظت بحدودها عبر القرون رغم تعدد المستعمرين. الكثيرون من أبناء هذا الوطن ينسون أن تونس ليست بلدا عاديا ولا دولة اصطناعية أنشأها المستعمر بل هي أمة عظمى أعطت على صغر مساحتها الجغرافية الكثير للحضارة الانسانية بفنونها و مفكريها و تجارتها و جامعاتها و إبداع رجالها و نسائها عبر ثلاث ألفيات. لكن تونس تبحث منذ استقلالها عن آباء روحيين... هذا يعرب والآخر يفرنس. هذا يتطلع اشتياقا لديكتاتوريات الشرق و الآخر يتحرق شوقا لنتائج انتخابات الغرب وكأنها تعنيه (من لم يفهم بالمناسبة أن فوز الاشتراكيين الفرنسيين يعود بالوبال على التجارة الخارجية التونسية يلزمه حتما شلال من الماء البارد يفيقه من عميق سباته)ه
....
أما الخطأ الرابع فهو اعتماد نظام شبه علماني لا تنفصل فيه السياسة عن الدين بل تعارضه. بورقيبة ، و إن لم يعتمد أسلوبا آتاتوركيا أرعن، فإنه جعل من الدين قضيته الخاصة وطفق يحرم و يحلل في حين أنه كان بإمكانه فصل الدين عن الدولة نهائيا و قطع دابر التطرف بإطلاق الحريات وإحداث نظام تعددي ذي بعدين متناقضين لاغير: نظام يخير الناس بين حرية الفرد أو سلطة المجموعة. نظام يتقبل الفكر السياسي المحافظ الذي لا يوظف الدين بل يستمد أفكاره من ذات فلاسفة التنوير الذين أبهروه أيام كفاحه
....
قد يصح المثل القائل: تجي تلوم تعذر..فكيف بالتعددية و الحريات الفردية أن يظهرن في أجواء مسمومة كتلك الأجواء التي وصفتها السلسلة؟ لكن الحال أن سياسات بورقيبة التي ترافقنا إلى اليوم قد أنتجت ثقافة تطابق وإقصاء للذات و خوف من التجديد، فانصهر الجميع في قالب واحد جامد لا أعلم السبيل للخروج منه
...
من قال إن زمن بورقيبة ولى وانتهى ؟ لم ينته زمن بورقيبة، لازال في أوجه
Tarek cheniti
Tarek cheniti
0 التعليقات:
إرسال تعليق